27 رمضان –
تغيير
المظهر له أثر كبير على النفس، ولأننا نقترب من العيد السعيد، فقد غيّرت الليلة
نمط ولون شعري، أحسست بأنني نسخة جديدة منّي.
26 رمضان –
في ليلية
مميزة كليلة السابع والعشرين كنا نخطط للذهاب لأحد المساجد لحضور دعاء الختم، وحين
وصلنا إلى المسجد وجدناه مكتظ بالناس والمصلين في الخارج والسيارات تتزاحم لإيجاد
موضع للوقوف، حين شاهد أبي المنظر عدَل عن الصلاة في المسجد، ونأى بنا إلى مسجد
هادئ في آخر الشارع وهو يحدثنا عن جوهر قبول العمَل لدى الله وأنه لا يشترط كل هذا
التجمهر والتعسير والازدحام، فحضور القلب يكون في أي مكان. ورغم أننا وددنا حضور
الدعاء مع ذلك الجمع الغفير، إلا أنّ قلبي انشرح لكلام والدي، ووجدت معناه ولذته
في هذا المسجد الهادئ والصف الأوحد وتواضع عدد المصلين ودعاء الشيخ المبارك الشجيّ،
كانَ شعور أشبه بالاتساع، والإيمان بأن الله يسمع ويرى، كلّ قلب.
24 رمضان –
في جلسة
غير مخطط لها، انسابت الأحاديث بيني وبين أخواتي لما يقارب الثلاث ساعات عن مواضيع
متسلسلة واستطرادات متفرقة، عن التاريخ والحياة والمبادئ وغيرها، هذا النمط من
الأحاديث الغير مفتعلة والعميقة هي نتاج حديث القلب، فكل أطروحة ووجهة نظر تنبع
مما يخالجك وما تؤمن به حقًّا، خاصّة إن كانت تلك الأحاديث مع أشخاص مقربين منك، تلك
الأحاديث حقيقيّة، وأولي لها الكثير من الاهتمام والحب.
22 رمضان –
الأصل
في هذه الدنيا أن نستعمل كل ما فيها للعبور، نحو وجهتنا التعبّديّة الثابتة، وأن
نرى كل ما نحن مغمورون به فيها إحسان إلهي يتطلّب الإحسان التعبّدي، فالمكوث وطول
الأمل فيها، يُغفلنا عن استيعاب هذه الحقيقة ووضوحها وتجلّيها، يقول الله تبارك
وتعالى: "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ
نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ
الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (77)
القصص.
18 رمضان –
اليوم
يصادف ذكرى ولادة هديل الحضيف رحمها الله، تذكّرت التاريخ فجأة فجر اليوم وأنا
أجلس لوحدي في الغرفة، تذكرته هكذا، ربما لأن هديل عصيّة على النسيان، ربما لأن
لها ارتباط في الوجدان، ربما لأن هناك حنين وحب لها لكنه من نوع آخر، حب يبدأ بعد
النهايات، اللهم ارحم هديل، واجعل مرقدها نور على نور.
17 رمضان –
أتحسس
صفاء هذه الليالي وغمرها لنفسي ولمن حولي، أظنّ لتغيير نمط الحياة واعتزال الكثير
من معيقات صفاء القلب والنفس أثر وفضل كبير بعد فضل الله، ما أخشاه هو تبدد ذلك
الصفاء بعد انقضاء هذا الشهر، والعودة لمشغلات القلب والنفس بمختلف مداخلها، يا
ليت لنا من الإقبال على الصفاء ورقّة النفس والأنس بالطاعة أوفر الحظ والنصيب، بما
يمتد طيلة الأيّام والأعمار، ولا يُحد بزمان أو مكان.
15 رمضان –
حين
أعود لمتابعة أخبار القدس بنهم وبشكل مستمر تعود إليّ يقظتي تجاه قضيّتي العقَديّة
هذه، وأتذكر كم كنت غافلة بحجّة أنني لا أحتمل متابعة الأخبار العنيفة والمؤذية لي
دينيًّا وإنسانيًّا. لكنني اليوم بالتحديد لم أجد بداخلي هذا الصدود والتوخّي، وبت
أفتح كل مقطع عنيف للجيش المحتل الغاصب مع الفلسطينيّين وأشعر بالنشوة تجاه ذلك
الصمود المتبادل، صمودهم ضد الاحتلال، وصمودي ضد هشاشتي النفسيّة، نشوة حقيقيّة أشعلت
وقودي وفكّت قيودي، وجعلتني أرى مسجدي هذا نصب عينيّ، حتى الموت.
11 رمضان –
أقرأ حاليًّا
في كتاب القضاء والقدر للدكتور عمر سليمان الأشقر، وهو أحد كتب مكتبة والدي النيّرة
حفظه الله، قشعريرة المعاني التي في الكتاب عظيمة، والأعظم من ذلك، صياغة المعاني سردًا
وشعرًا، مما يجعل وقوعها في القلب أكثر تأثيرًا، استوقفتني وأشجتني أبيات الإمام الشافعي
رحمه الله في تعريف القدَر قائلًا:
فما شئت كان وإن لم أشأ *** وما شئت إن لم تشأ
لم يكن
خلقت العباد على ما علمت *** ففي العلم يجري
الفتى والمسن
على ذا مننت، وهذا خذلت *** وهذا أعنت وذا لم
تعن
فمنهم
شقي ومنهم سعيد *** ومنهم قبيح ومنهم حسن
10 رمضان –
ذهبت إلى
مسجد حيّنا الجديد لأوّل مرّة، أحببت لطافة الجارات وترحيبهن وسكينة المكان
وبساطته، أفضل دائمًا مساجد الحيّ، وإن كان سمتها تواضع التلاوة أو تواضع المكان،
يكفيني شعوري بالانتماء وقرب المسجد من المنزل والذهاب له سيرًا على الأقدام، فذلك
أهدأ لنمط حياتي ونفسي من نمط العشوائية أو التنويع المستمر بين المساجد واستغراق
الأوقات في طيّ مسافات بالسيارة لأجل ذلك.
6 رمضان –
إلى
أين يريد منتجو المسلسلات التلفزيونيّة الوصول في رمضان كل سنة؟ تساءلت ذلك بعد
مشهد صادفته لمسلسل يُحسب على الخليج العربي ولم أتابعه على الإطلاق، ذلك المشهد
كان إهانة صريحة للمُشاهد بكل ما تعنيه الكلمات من تقزز وانحطاط. استفزّني ذلك
المشهد، والتزام الجمهور بالصمت عدا نقد طفيف في مواقع التواصل، فضلًا عن الاستمرار
في المتابعة، هل هو تبلّد من فرط الإهانات السنويّة؟
5 رمضان –
اليوم
أنهيت كتاب دروس الحب، من أعظم الكتب التي قرأتها، والذي يتحدث عن العلاقة الزوجية
ومفهوم الحب فيها بمخاطره وروعته، وحين وضعت الكتاب جانبًا، فتحت المصحف للتلاوة،
فصادفت تلاوتي لورد اليوم سورة النساء، ذهلت من تلك الصدفة والمزامنة، فالآيات
تتحدث عن العلاقة الزوجية ببلاغة واختصار عظيم لتشير لكثير من المبادئ المفصلة فلسفيًّا
في الكتاب، فترابط المعنى بداخلي لكن بشعور مختلف، يؤكد لي هذا الشعور دائمًا بأن
الإسلام دين شامل وعظيم، ونظل نجهل تلك الشموليّة فيه بقدر ابتعادنا عنه.
4 رمضان -
اليوم
استمعت لفضفضات وشكوى لأكثر من شخص، كلها تدور حول هموم دنيويّة، لكن ما أحزنني هو
أن كل تلك الشكاوي تحاول فهم السبب المنطقي لتلك الهموم أو البلايا، أو تسقطها على
ترصّد البشر وحسدهم. أتساءل، لمَ علينا أن نفترض أن أصل الحياة كمالها وصفاؤها،
وأي همّ فيها فهو أمر مُستغرَب بل غير مقبول عقليًّا ونفسيًّا إلا ببيّنة تقنعنا، وإلّا
سوف نسخّر تلك الطاقة العقليّة والنفسيّة لظنون واعتقادات سيّئة في العالمين ورب
العالمين. أعلم يقينًا بأن العافية أحب إلينا، وبأن الضر وارد من البشر، لكنني
أؤمن بنفس المقدار، بخير القدر وشرّه، والذي يحل بمشيئة إلهيّة خفيّة، لا تنتظر
منّا إدراك أسبابها، بل التعامل معها وفق تعاليم مسبّبها. فالدنيا جُبِلت على الحياة
والموت، والعسر واليسر، وكل تلك النقائض التي تمر على كل الخلائق بكافة مذاهبهم
ومسالكهم، هي هكذا، لا تتعجبوا من أقذارها، بل تفكروا في أقدارها، تفكّرًا يفضي
بكم إلى التسليم وحسن الظن، فهنا تكمن الراحة العقليّة.
3 رمضان -
أثناء
صلاة التراويح، تلى الإمام آية من سورة البقرة: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ
وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا
ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (268). هذه الآية لطالما توقظ فيّ تنبيهًا جليلًا
لخاتمة السبل الهشّة. أي سبيل نسلكه من سبل الشيطان سوف يؤول بنا إلى الفقر، وإن
كان أساس سعينا فيه ابتغاء الغنى. أتأمّل في تلك الظنون الداخليّة التي تعدنا بالغنى
في تلك السبل ولكن في حقيقتها تعدنا بالفقر، تعدنا بأن بعد علاقة منكرة إشباع
وإمتاع، وبعد تعدٍّ على حقوق الآخرين جاه ومنصب، وبعد كل خداع واحتيال مهرب ومكسب،
كل تلك السبل تؤول إلى العيلة والفقر، إن لم يكن فقرًا مثبتًا في ظاهره، فهو فقر
حقيقي في باطنه، يدركه الفرد بالذلة والهوان، وقد يأتي هذا الإدراك بعد فوات
الأوان. وعلى النقيض، تلك السبل المتوافقة مع نور الله، تعدنا بمحو الزلّة أثناء
السير فيها، وابتغاء مساعيها، فضلًا عن فتوحاتها المفاجئة التي تغدق علينا الغنى
من أفقر السبل، فهي متّسمة بالغنى وإن كان سماها القلّة أو المشقّة، لأنها ذات مبدأ
نيّر في الغاية والوسيلة، ذات فضل شاسع، والله واسع.
2 رمضان -
رمضان - شهري المفضل
الحمدلله
على البلاغ، أتفكر في حجم نعمة البلاغ لشهر رمضان، فهي بحد ذاتها أمر يستحق الشكر،
فضلًا عن نعمة التوفيق لاغتنامه. بعد مرور يومين من رمضان كلمح البصر، قررت العزم على
فكرة التدوين اليومي، فهي تساعدني كثيرًا على توطيد علاقه وذكرى حميمية مع أجمل المواسم
التي أعيشها ولا أود أن تنقضي بسرعة، التدوين يخلّد الأيام ويجعلها أكثر بطئًا في انصرامها
كونه يعين على تأمل الأحداث وترسيخها في الذهن والقلب. لذا، سوف تكون هذه الصفحة بإذن
الله محطتي اليومية مع تفاصيل شهري المفضل =)